رهانات محفوفة بالمخاطر: شركات النفط الوطنية والتحوّل في مجال الطاقة
الرسائل الرئيسية
• في حال تابعت شركات النفط الوطنية مسارها الحالي، ستستثمر أكثر من 400 مليار دولار في مشاريع النفط والغاز عالية الكلفة التي لن تحقّق التكافؤ سوى فيما لو تخطّت البشرية الأهداف المتعلقة بالحدّ من انبعاثات الكربون وسمحت بارتفاع درجة الحرارة العالمية بأكثر من درجتين مئويتين.
• إما أن يحقق العالم كل ما هو ضروري للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري أو تمضي شركات النفط الوطنية باستثماراتها. والأمران معًا غير ممكنين.
• يمكن لاستثمارات شركات النفط الحكومية أن تؤتي ثمارها أو تمهّد الطريق لأزمات اقتصادية عبر العالم الناشئ والنامي، وتتطلب عمليات إنقاذ مستقبلية سيدفع الشعب ثمنها. إذ تستخدم بعض الحكومات المعتمدة على النفط في إفريقيا وأميركا اللاتينية وأوراسيا الأموال العامة للقيام برهانات محفوفة بالمخاطر.
• لدى العديد من شركات النفط الوطنية حوافز لمواصلة الإنفاق الكبير على مشاريع النفط والغاز الجديدة. نتيجةً لذلك، قد لا يغير مسؤولو الشركات من تلقاء أنفسهم المسار كي تتحوّل الطاقة عن الوقود الأحفوري وتنتقل إلى الطاقة الخضراء، ولن يتخذوا القرارات الاستثمارية التي تخدم مصالح المواطنين.
• يجب على الحكومات - من خلال وزارتَي المالية والتخطيط، والمكاتب الرئاسية وهيئات المساءلة العامة - العمل على النهوض بمسار اقتصادي أكثر استدامة.
• يجب على الحكومات:
- فهم مدى تعرّض شركات النفط الوطنية لانخفاض أسعار النفط والغاز
- إعادة النظر في القواعد الخاصة بالتدفقات النقدية من وإلى الشركات التي تملكها الدولة
- أن تطلب أو تحفّز قرارات الاستثمار منخفضة المخاطر
- قياس أداء شركة النفط الوطنية، وتحسين حوكمة الشركة، ورفع التقارير إلى المواطنين بشكل مستمرّ
شركات النفط الوطنية هي المفتاح لمكافحة الاحتباس الحراري. تُنتج شركات النفط الوطنية - حيث الحكومة هي المساهم الوحيد أو المهيمن فيها - نصف كميات النفط والغاز في العالم وتستثمر 40٪ من رأس المال في صناعة النفط والغاز العالمية. وإذا بدأت الجهات الأخرى الموجودة في هذه الصناعة بالاستثمار بشكل أقل، يمكن لشركات النفط الوطنية أن تسدّ الفجوة التي تتركها الشركات الخاصة، مما يُحبط الجهود الدولية للحد من نسبة العرض.
شركات النفط الوطنية مهمة لمكافحة الفقر. يعيش مائتان وثمانون مليون شخص تحت خط الفقر في البلدان التي لديها شركة نفط وطنية، وتلعب هذه الشركات دورًا رئيسيًا في الاستقرار الاقتصادي في العديد من هذه الدول. كما أنّ الأشخاص الذين يعانون من الفقر هم الأكثر تعرضًا لمخاطر تدهور المناخ.
يشكّل التحوّل السريع في مجال الطاقة تهديدًا لشركات النفط الوطنية. ينتقل الاقتصاد العالمي من استخدام الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة. وكلما تسارع هذا التحوّل، كلما هدّد شركات النفط الوطنية والحكومات التي تعتمد على عائدات النفط – إلا إذا أحسنت الاستعداد. ويوضّح الشكل 1 أدناه عملية توزيع أسعار النفط على المدى الطويل حسب فرضيات العديد من شركات النفط الكبرى والمنظمات الدولية والمحللين. حيث من المحتمل أن يتجسّد التحول السريع في مجال الطاقة الى انخفاض أسعار النفط على المدى الطويل (باللون البرتقالي)، مما قد يفاجئ بعض الشركات التي خططت لارتفاع الأسعار. ولا أحد يعرف بالضبط كيف سيحدث هذا التحوّل، لكن يجب على الحكومات إدارة مخاطر حدوث انخفاض نهائي في أسعار النفط والغاز.
لبنان: تقييم مُحدّث بشأن تأثير جائحة فيروس كورونا على قطاع الصناعات الاستخراجية وإدارة الموارد
أبرز الرسائل
- ليس من بوادر تنذرر بانحسار الأزمة الاقتصادية الحادة التي يشهدها لبنان والتي زادت جائحة كوفيد-19 من تفاقمها. ومن المتوقّع أن يسجّل اقتصاد البلاد انكماشاً بنسبة 25 في المائة تقريباً في عام 2020.
- استمرت أنشطة التنقيب عن النفط والغاز وسط إجراءات الإغلاق، لكن في أبريل / نيسان 2020، أكدت الحكومة أن شركة النفط الفرنسية توتال لم تجد مكمن غاز أثناء الحفر في أول بئر استكشافي للنفط والغاز في لبنان والواقع في المربّع 4 البحري.
- في تشرين الأول/أكتوبر، بدأت المحادثات حول الحدود البحرية المتنازع عليها بين لبنان واسرائيل والتي تمتدّ على طولها على الأرجح حقول من الغاز القادرة على توليد الأرباح، بما في ذلك المربّع 9 الذي من المقرّر أن يكون ثاني حقل نفط وغازفي لبنان يتم التنقيب فيه.
- يدفع لبنان أسعاراً مرتفعة لاستيراد الفيول والديزل لتوليد الكهرباء. وإذا استمر المسؤولون في التخطيط لسياسة الطاقة على أساس احتمال اكتشاف موارد من النفط والغاز عوضاً عن الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، من المرجّح أن تتفاقم المشاكل المالية في البلاد.
1. ملخّص حول الأثر الاقتصادي لجائحة كوفيد -19
يواجه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود. ففي تشرين الأول/ أكتوبر، صرّح صندوق النقد الدولي أن انكماش الاقتصاد اللبناني سيصل الى نسبة 25٪ في عام 2020.
في الواقع، يعود جزء كبير من الأزمة إلى ما قبل ظهور الجائحة، لكن هذه الأخيرة أتت لتقوّض أي آفاق للتعافي الاقتصادي في لبنان. فقد فقدت الليرة اللبنانية أكثر من سبعين في المائة من قيمتها منذ كانون الثاني/يناير 2020، ناهيك عن احتياطي الدولار الأميركي الذي أصبح محدوداً لدرجةٍ أن المصارف عمدت الى فرض قيود على عمليات السحب. وفي آذار/مارس، عجز لبنان عن خدمة بعض ديونه السيادية (سندات اليوروبوند) وهو الآن في حالة تخلّف عن السداد رسميًا.
وفي تموز/ يوليو، أوقفت الحكومة اللبنانية المناقشات مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة إنقاذ تنطوي على ضخ مليارات الدولارات التي تشتد حاجة الاقتصاد اللبناني إليها، إذ عجزت الحكومة والبنك المركزي اللبناني عن التوافق بشأن الأرقام المرفوعة إلى صندوق النقد الدولي أو التوصّل الى خطة لإنعاش البلاد. وقد فشل لبنان في إجراء الإصلاحات الاقتصادية وكبح الفساد، بالإضافة إلى التخلف عن السداد، مما دفع بالمقرضين الدوليين الى الحدّ من دعمهم له ولا تزال خطة التعافي تفتقر الى التمويل بشكل كبير. وبالإضافة إلى ضرورة إيجاد طريقة للمضي قدمًا مع صندوق النقد الدولي، يتعيّن على لبنان التفاوض مع المقرضين الدوليين لإعادة هيكلة الديون الحالية بعد التخلف عن السداد في آذار/ مارس.
وفيما كان يتخبّط السكان لمواجهة الانهيار الاقتصادي وفشل الحكومة في الاستجابة للجائحة، وقع انفجار كارثي في مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس فدمّر المنطقة المحيطة به. وتحوّلت المنازل والشقق والمتاجر والمكاتب والمستشفيات إلى أنقاض، ممّا أسفر عن مقتل أكثر من 170 شخصًا وإصابة ستة آلاف آخرين وتشريد أكثر من 300 ألف شخص.
وفي 10 آب/ أغسطس، فرض رئيس مجلس النواب على الحكومة الاستقالة بعد أن حاول رئيس الوزراء اقتراح تنظيم انتخابات مبكرة. وبعد فترة وجيزة، سمي مصطفى أديب رئيساً جديداً للحكومة لتأليف حكومة اختصاصيين لكنه اعتذر عن مهمة التشكيل في أيلول/ سبتمبر بعد أن فشل في كسب التأييد اللازم للتشكيلة الوزارية المقترحة. وفي تشرين الأول/ أكتوبر، اختار البرلمان اللبناني سعد الحريري لرئاسة الوزراء مرة أخرى، مع العلم أنه شغل هذا المنصب لولايتين في السابق قبل أن يُضطرّ للاستقالة في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 أمام الاحتجاجات الشعبية الضخمة على الوضع الاقتصادي في لبنان. وحتى الآن، لم يتمكّن من تشكيل حكومة جديدة.
وسط هذه التطورات السياسية، ارتفعت حالات الإصابة بفيروس كورونا بشكل كبير مصحوبة بعدم قدرة الحكومة على فرض الإغلاق. وقد حاولت تنفيذ إغلاق لمدة أسبوعين في نهاية تموز/ يوليو، وآخر في الأسابيع التي تلت انفجار ميناء بيروت، ومجدداً في تشرين الثاني/ نوفمبر،ومرة اخرى في بداية السنة الجديدة لكن لم تشهد أي من هذه الحالات صرامة في التطبيق وبقية الحالات تتزايد واصبحت المستشفيات غير قادرة على استيعاب المصابين.
ولم يُبدِ المجتمع الدولي الذي قدّم بعض الدعم للتصدّي لتأثير انفجار المرفأ أي رغبة فعلية في تقديم مساعدة أخرى للبنان قبل أن تُجري الحكومة إصلاحات اقتصادية ملحوظة. غير أن الطبقة السياسية لم تُظهر أي بوادر عن التزامها بهذا الشرط.
2. التأثير على قطاع النفط والغاز
في أول بئر استكشافي للنفط والغاز في لبنان، والمعروف باسم بيبلوس -1، في المربّع 4 البحري. بل على العكس من ذلك، أعفت الحكومة الشركة المشغّلة، توتال، من الالتزام بإجراءات الإغلاق، وسمحت بمواصلة العمل مع اتخاذ السلطات المحلية إجراءات لمنع انتشار الفيروس في سفينة الحفر. وفي 27 نيسان/ أبريل، أكد وزير الطاقة أنه لم يتم العثور على غاز تجاري في بئر المربّع 4. وبعدما كان يتوجب على توتال تقديم الدراسة التحليلية النهائية الى الحكومة اللبنانية بعد شهرين من انتهاء الحفر،قامت اخيرًا الشركة بتقديم الدراسة في اوائل شهر تشرين الثاني/نوفمبر. كان من المتوقع أن تقوم توتال بحفر بئر استكشافي في المربّع البحري 9، في منطقة جنوب بيروت، قبل شهر أيار/ مايو 2021. وقد واصلت الشركة العمل على تقييم الأثر البيئي في المربّع 9 على الرغم من القيود المستمرة على التنقّل نتيجة الجائحة في البلاد. ويشترط القانون اللبناني على الشركة إجراء استشارات عامة في المناطق ذات الصلة كجزء من عملية تقييم الأثر البيئي. وتدرس توتال مسألة إجراء مشاورات عبر الإنترنت، لكن ليس واضحاً ما إذا كان سيوافق أصحاب المصلحة على ذلك.الا ان في كانون الثاني/يناير 2021 صدر بيان من وزارة الطاقة تؤكد استمرار الاعمال في المربعين 4 و 9 في 2021، ومدت مدة الاستكشاف الاولى في كل من المربعيين 4 و9 الى 13 اب 2022، مما يعني ان لدى توتال الوقت حتى السنة المقبلة لحفر بئر استكشافي في المربع 9.
وتصطدم عملية التنقيب في المربّع 9 بتحديات أخرى، حيث أن نسبة ثمانية في المئة من المربّع هي موضع نزاع بين لبنان وإسرائيل على الحدود البحرية. وفي تشرين الأول/ أكتوبر، بدأ لبنان وإسرائيل محادثات تهدف إلى حل الخلافات الحدودية. ولم يتم التوصّل إلى نتيجة حتى الان. ولا بدّ من الإشارة الى أن توتال وشركاءها (إيني ونوفاتك) كانوا على علم بالنزاع عندما وقّعوا اتفاقيات التنقيب مع لبنان.
:
في 31 أيار/ مايو، أجّلت وزارة الطاقة جولة التراخيص الثانية في لبنان للمرة الثالثة، متحجّجة بانخفاض أسعار النفط وجائحة كوفيد - 19. ولم تعطِ الوزارة مهلة جديدة (كما فعلت مع الإعلانين السابقين عن حصول تأخير) لكنها قالت إنها تتوقع استكمال جولة الترخيص الثانية قبل نهاية عام 2021.
لكن، حتى بغياب جائحة كوفيد - 19 وانخفاض أسعار النفط، من غير المرجح أن يحصل لبنان على صفقات جيدة من المستثمرين الدوليين بسبب الظروف السياسية والاقتصادية والمالية السيئة في البلاد. وقد علم معهد إدارة الموارد الطبيعية أن هيئة إدارة قطاع النفط اللبنانية تقوم حالياً بمراجعة بروتوكولات وأنظمة المناقصات في البلاد بناءً على واقع السوق الجديد وستقترح تعديلات تهدف إلى دعم الاستثمار في المستقبل.
3. التأثير على إدارة الموارد الطبيعية نظراً للوضع الاقتصادي السيئ، لن تحظى مسألة إدارة قطاع النفط والغاز باهتمام كبير لاسيما أن تركيز الجهود هو على تداعيات انفجار بيروت والوضع السياسي العام. ومع تأجيل جولة التراخيص الثانية، قد ينظر لبنان في فكرة إنشاء شركة نفط وطنية لتعزيز تنمية النفط والغاز بغض النظر عن الظروف الاقتصادية العالمية. ولا بدّ من أن تكون منظمات المجتمع المدني العاملة في قطاع الصناعات الاستخراجية يقظة بشأن مخاطر قيام السلطات باتخاذ قرارات سيئة، ويجب أن تكون مستعدة لمناقشات متجددة حول إنشاء شركة نفط وطنية مع ما تحمله هذه الخطوة من تحديات.
تقوم المنظمة غير الحكومية الدولية "أنشر ما تدفع" بقيادة "مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية" في لبنان. لكن تكمن المشكلة في التقدم البطيء على صعيد هذه المبادرة، فضلاً عن عدم تنفيذالخطوات الأساسية، مثل انتخاب ممثلي منظمات المجتمع المدني للانضمام الى مجموعة أصحاب المصلحة المتعددين. ويرجع ذلك جزئيًا إلى الأزمة الاقتصادية التي فاقمتها جائحة كوفيد - 19. فضلاً عن ذلك، تراجع زخم "مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية" بعد النتائج السلبية في المربّع 4ومع تراجع اي اعمال تذكر في هذا القطاع في 2021.
4. التطلّع إلى الأمام لا تزال آفاق قطاع النفط والغاز في لبنان غامضة، مع النتائج السلبية لعملية الحفر في المربّع 4 فضلاً عن تأجيل الحكومة لجولة التراخيص الثانية. علاوة على ذلك، إذا تسبّبت الجائحة بتأخير كبير في الحفر في المربّع 9، وبقيت الأزمة الاقتصادية والسياسية على حالها، قد يتراجع المستثمرون ولن يتبلور أي مستقبل للنفط والغاز في لبنان في المدى القريب. ستؤدي الجائحة أقلّه إلى تأخير عمليات التنقيب الجديدة أو حصول المزيد منها. وإذا لم يتمكن لبنان وإسرائيل من التوصل إلى اتفاق بشأن المناطق البحرية المتنازع عليها، سيعاني البلدان معاً من تداعيات عدم استغلال المربّعات النفطية. ويمكن لإسرائيل الاعتراض على أي عمل في المربع 9، لكن يمكن للبنان أن يعترض وبالمثل على أي أعمال تنقيب في "كاريش"، وهو مربّع إسرائيلي يطالب به لبنان باعتباره حقاً له. أما الخيارات المتاحة في حال لم تُسفر المحادثات الحالية عن حل، فهي متابعة التحكيم الدولي أو إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية أو إلى المحكمة الخاصة التي أنشأها قانون الأمم المتحدة للبحار. وفي غياب حلّ للنزاع متفق عليه أو قابل للتنفيذ، سيتحوّل الصراع بين البلدين الى مخاطرة كبيرة.
في هذا السياق الاقتصادي والسياسي المشحون بالتحديات، يجب على السلطات اللبنانية أن تنظر بجدية في استراتيجية الطاقة في البلاد، لاسيما أنّ الاعتماد على الفيول زالديزل لإنتاج الكهرباء ليس مستدامًا بالنسبة الى لبنان، إذ يتسبب السعر المرتفع الذي يدفعه لبنان مقابل الوقود في عجز كبير في الموازنة. أما البديل فهو الغاز والطاقة المتجددة. إلا أنّه لم يتم اكتشاف أي غاز "محلي" في الحقول اللبنانية، والغاز المستورد يحتاج إلى محطات طاقة لا تزال غير شغّالة. وفي الوقت نفسه، يفتقر قطاع الطاقة المتجددة حتى الآن إلى الزخم اللازم ويواجه مشكلات تتعلق بالحوكمة، وبخاصةٍ من ناحية التراخيص. ولتجنّب المخاطر التي ينطوي عليها مستقبل قائم على الوقود الأحفوري، يجب على الحكومة اللبنانية والجهات الفاعلة في المجتمع المدني التركيز على تمكين الإصلاحات القانونية في قطاع الطاقة المتجددة لتسريع عملية تطويره.
تونس: التقييم المحيّن لتأثير جائحة كورونا على القطاع الاستخراجي وحوكمة الموارد
الرسائل الرئيسية
تستورد تونس من الخارج غالبية احتياجاتها من الطاقة. وقد استغلت الحكومة أسعار الوقود المنخفضة حالياً لرفع الدعم عن الوقود.
- تستورد تونس من الخارج غالبية احتياجاتها من الطاقة. وقد استغلت الحكومة أسعار الوقود المنخفضة حالياً لرفع الدعم عن الوقود.
- من المستبعد أن تتوقف تونس عن الاعتماد على الطاقة على الرغم من الاهتمام الذي تبديه السلطات باستخراج الغاز الصخري. ففي ظلّ جائحة كورونا، توقف العمل على مشاريع الطاقة المتجددة التي تأمل الحكومة أن تساهم في إنتاج 30 في المئة من الكهرباء.
- تهدد الاحتجاجات المتزايدة في المناطق الغنية بالنفط والغاز والمعادن الاستقرار الاجتماعي والسياسي في تونس.
- تبرز حاجة ملحة إلى إجراء إصلاحات واسعة على مستوى المؤسسات الرئيسية المملوكة للدولة العاملة في القطاع الاستخراجي.
موجز الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا
قبل تفشي جائحة كورونا، كان من المتوقع أن ينمو الاقتصاد التونسي بنسبة تتخطى الاثنين في المئة في العام 2020. وفي حزيران/يونيو، توقّع البنك الدولي انكماش الاقتصاد التونسي بنسبة أربعة في المئة هذا العام. وبحلول تشرين الأول/أكتوبر، توقع صندوق النقد الدولي انكماشاً اقتصادياً بنسبة سبعة في المئة. فقد أدى تراجع القطاع السياحي والآثار الناجمة عن إجراءات الإغلاق في البلاد إلى انخفاض النشاط الاقتصادي غير النظامي الذي يستوعب أكثر من 30 في المئة من العمالة في تونس. وفي الربع الثاني من العام، شهد قطاع الفنادق والمطاعم انكماشاَ قاربت نسبته 77 في المئة، بحسب المعهد الوطني للإحصاء. وفي تشرين الأول/أكتوبر، فرضت الحكومة تدابير جديدة شملت حظر التجول ليلاً ومنع الفعاليات العامة، في محاولةٍ منها لمكافحة تفشي الفيروس. ومما لا شك فيه أن هذه التدابير ستلقي بثقلها على قطاعي السياحة والخدمات.
وفي نيسان/أبريل، قدّم صندوق النقد الدولي، بموجب أداة التمويل السريع الخاصة به، قرضاً طارئاً إلى تونس قدره 745 مليون دولار أميركي من أجل مساعدة السلطات على التعامل مع آثار جائحة كورونا. وفي حزيران/يونيو، وافق البنك الدولي على دعم الموازنة التونسية بمبلغ 175 مليون دولار في إطار العملية الطارئة لأغراض سياسات التنمية لدعم الصمود والتعافي، من أجل التخفيف من حدة آثار الجائحة. وتواجه الحكومة صعوبات في الحصول على قروض من مصادر أخرى نظراً إلى ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي فيها (يقدَّر أن تبلغ هذه النسبة 90 في المئة بحلول نهاية العام 2020). وتستمر تونس في تسديد ديونها للحفاظ على مصداقيتها الدولية وضمان حصولها على التمويل في المستقبل. وتطلب الحكومة من المواطنين والشركات التبرّع لدعم الاستجابة الوطنية في قطاع الصحة، وفرضت أيضاَ اقتطاعاً إلزامياً من رواتب موظفي القطاع العام لأغراض التبرع. وقد أثار هذه الموضوع الجدل وهو يشكل خطراً على الاستقرار الاجتماعي في تونس.
وفي تموز/يوليو، قدّم رئيس الحكومة الياس الفخفاخ استقالته على خلفية اتهامات في ملفّ تضارب مصالح، فشهدت البلاد اضطرابات سياسية إلى جانب مشاكلها الاقتصادية. ووافق البرلمان في أيلول/سبتمبر على منح الثقة لحكومة جديدة. وفي شباط/فبراير، انطلق الإنتاج في حقل نوارة للغاز الذي اقترضت له المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (ETAP) 75 مليون دولار أميركي من البنك الأفريقي للتنمية. لكنّ الإنتاج تراجع بسبب القيود المفروضة على حركة التنقل نتيجةً لجائحة كورونا. وفي آب/أغسطس 2020، أعلنت المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية تراجع الإنتاج النفطي الشهري بنسبة 24 في المئة مقارنةً بالشهر نفسه من العام 2019. وبحسب الصفحة الرسمية لوزارة الطاقة والمناجم على "فيسبوك"، بلغ حجم الإنتاج النفطي في آذار/مارس (قبل اتخاذ إجراءات الإغلاق) 40 ألف برميل يومياً. وبعد فرض قيود على حركة التنقل في آذار/مارس واندلاع الاحتجاجات في تطاوين في تموز/يوليو، انخفض الإنتاج النفطي إلى أدنى مستوياته في تاريخ البلاد فبلغ أقل من 25 ألف برميل يومياً في أواخر آب/أغسطس.
وتواجه المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية تحديات مالية كبيرة تفاقمت بسبب الآثار الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا. وفي الربع الأخير من العام 2019، وجدت المؤسسة نفسها عاجزة عن تسديد الضرائب لوزارة المالية وقد توقفت عن تسديدها مذاك الوقت، ما دفع وزارة المالية إلى مصادرة الحسابات المصرفية التابعة للمؤسسة في أيلول/سبتمبر 2020. فطلبت المؤسسة من وزارة المالية، بدعم من وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، إعادة جدولة ديونها الضريبية التي تتخطى قيمتها 30 مليون دينار تونسي (ما يعادل 10 ملايين دولار أميركي). وقد يؤدي هذا الوضع إلى عجز المؤسسة عن دفع مرتبات موظفيها في الأشهر المقبلة. وتواجه سلسلة إنتاج الطاقة في تونس تحديات أخرى في ظل عجز الشركة التونسية لصناعات التكرير والشركة التونسية للكهرباء والغاز عن دفع تكاليف النفط والغاز لمؤسسة ETAP بسبب التحديات المالية التي تواجهانها.
ولهذه المشاكل المالية تشعبات أوسع نطاقاً. ففي العام 2017، وبعد احتجاجات نظّمها عدد من الناشطين المحليين في تطاوين حيث تجري أنشطة الإنتاج النفطي لمؤسسة ETAP، تعهدت الحكومة وETAP وشركات النفط بمعالجة شكاوى المجتمعات المحلية واتفقت على استثمار أكثر من 80 مليون دينار تونسي (26 مليون دولار) في ولاية تطاوين، وأخذت ETAP على عاتقها توظيف أكثر من 1500 شخص في الولاية. وعلى الرغم من عدم تطبيق هذا الاتفاق بالكامل، انحسرت الاحتجاجات إلى حين تفشي جائحة كورونا. فمع تباطؤ الإنتاج بسبب إجراءات الإغلاق وبالتالي تراجع الإيرادات، عجزت الحكومة وETAP وشركاؤها عن الوفاء بالتزامها تجاه المجتمعات المحلية. ونتيجة لذلك، اندلعت موجة ثانية من الاحتجاجات في تموز/يوليو 2020 فأعاقت الإنتاج في الولاية/المنطقة، خصوصاً مع قيام المحتجين بإغلاق الصمام الرئيسي لتوزيع النفط.
وقد نجحت الحكومة في توقيع صفقة مع المحتجين في تاطوين في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، فاستأنف إننتاج النفط والغاز. لكن الاحتجاجات امتدت إلى مناطق مهمشة أخرى، منها مناطق منتجة للموارد الطبيعية. ويطالب المحتجون باتباع النهج نفسه المعتمد في تاطوين، خصوصاً في ما يتعلق بحلول التوظيف.
إدخال الرسم البياني: تراجع إنتاج النفط والغاز بعد احتاجات تاطوين في تموز/يوليو 2020
المصدر: وزارة الصناعة والطاقة والمناجم
آثار الجائحة على قطاع التعدين
كان قطاع التعدين يواجه تحديات كبيرة قبل تفشي جائحة كورونا. فقد شهدت أنشطة استخراج الفوسفات تراجعاً بسبب الاحتجاجات الاجتماعية في المناطق المنتِجة والتي ركزت على الآثار البيئية ومطالب التوظيف. لقد اندلعت هذه الاحتجاجات في العام 2018 وازدادت حدتها بعد الانتفاضة السياسية في تونس والمنطقة بأسرها في العام 2011.
وأدت جائحة كورونا إلى تفاقم التحديات الاجتماعية التي يواجهها قطاع التعدين، خصوصاً في الحوض المنجمي للفوسفات في قفصة. فاعتماد هذه المنطقة على قطاع الفوسفات كالمصدر الرئيسي للوظائف يجعلها عرضة للتأثر الشديد بأيّ تراجع كبير للإنتاج، علماً أن الإنتاج قد تباطأ بالفعل بسبب جائحة كورونا. ووفقاً للرئيس التنفيذي لشركة فوسفات قفصة المملوكة للدولة، كان من المتوقع قبل تفشي الجائحة أن يبلغ حجم الإنتاج 5.5 ملايين طن في العام 2020، إلا أن الإنتاج لن يتخطى 4.5 ملايين طن لأن 30 في المئة فقط من الموظفين تمكنوا من العمل خلال تطبيق إجراءات الإغلاق في تونس بين آذار/مارس وأيار/مايو. لكن هذه التوقعات تُعتبر تفاؤلية بما أن إنتاج الفوسفات كاد أن يتوقف بالكامل في تموز/يوليو بسبب احتجاجات الباحثين عن عمل. وقد عجزت شركة فوسفات قفصة عن إنتاج أكثر من 36 ألف طن في ذلك الشهر، ما أدى إلى تفاقم الصعوبات المالية التي تواجهها. ويقال إن الشركة معرضة لخطر الإفلاس.
وفي تموز/يوليو، قال مسؤول من وزارة الطاقة والصناعة والمناجم التونسية، تعليقاً على الاحتجاجات والصعوبات المالية، إن شركة فوسفات قفصة قد تعجز عن مدّ السوق المحلية بالمدخلات اللازمة للموسم الزراعي المقبل وعن دفع مرتبات موظفيها والوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها. وفي سبتمبر/أيلول، وللمرة الأولى في تاريخ البلاد، قررت تونس استيراد الفوسفات من الخارج – أي من الجزائر – لتلبية الطلب المحلي على الأسمدة.
أثر الجائحة على الإيرادات
لا يعتمد الاقتصاد التونسي على الموارد الطبيعية. لكن تراجع الإيرادات من القطاع الاستخراجي سيزيد من التحديات الاقتصادية التي يُحتمل أن تواجهها البلاد بسبب تأثير جائحة كورونا على السياحة والقطاع غير النظامي الذي يعتمد عليه الكثير من التونسيين لتأمين لقمة العيش.
تستورد تونس من الخارج 75 في المئة من احتياجاتها من الطاقة، ما يؤثر سلباً على ميزانها التجاري. وفي نيسان/أبريل، انتهزت الحكومة فرصة انخفاض أسعار النفط لرفع الدعم عن الوقود. وبما أن رفع الدعم تزامن مع انخفاض أسعار النفط، لم يشهد التونسيون ارتفاعاً حاداً في تكلفة الوقود، لكن الوضع سيختلف إذا ارتفعت أسعار النفط من جديد. وردّاً على الاحتجاجات التي تلت قرار رفع الدعم، كرّرت الحكومة عزمها على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة من خلال إعادة النظر في أجزاء من الإطار القانوني للنفط والغاز وتقديم حوافز لتشجيع المستثمرين في النفط والغاز من القطاع الخاص على العمل في تونس. فالنظام المالي التونسي الخاص بالمحروقات، أي النفط والغاز والفحم، لا يجذب المستثمرين.
وأعلنت الحكومة أيضاً أنها ستعتمد إطاراً قانونياً جديداً لقطاع المحروقات غير التقليدية (خصوصاً الغاز الصخري). لكن، وعلى الرغم من إبداء المستثمرين في السابق بعض الاهتمام بالغاز الصخري في تونس، قد لا يكون الإطار القانوني كافياً لتحفيز الاستثمارات نظراً إلى الاضطرابات الاقتصادية الحالية وأسعار الغاز المنخفضة واضطرار المستثمرين إلى خفض نفقاتهم.
لقد تعهدت تونس بإنتاج 30 في المئة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2030، لكن جائحة كورونا أدت إلى توقف مشاريع الطاقة المتجددة. وأعرب مسؤولون حكوميون عن تخوفهم من عدم القدرة على تحقيق هذا الهدف ضمن الإطار الزمني المحدد.
تأثير الجائحة على حوكمة الموارد الطبيعية
لم تشهد تونس حتى الآن تراجعاً في مستوى الشفافية خلال جائحة كورونا، بل بادرت وزارة الطاقة والمناجم إلى الإفصاح عن معلومات عبر صفتحها على "فيسبوك" حيث نشر المسؤولون آخر التطورات في بعض القضايا، كإنتاج الوقود وسعره، ولا سيما مستوى الدعم. وفي خطوة غير مسبوقة على صعيد الشفافية والحوكمة، أعلنت الحكومة في أيار/مايو عن إجراء تدقيق عامّ تشاركي في قطاع المحروقات يشمل ممثّلين عن المجتمع المدني إلى جانب هيئات التدقيق الرسمية. وفي وقت كتابة هذا التقرير، كانت عملية التدقيق جارية على قدم وساق، على أن يتمّ نشر تقرير عن الموضوع بعد الانتهاء منها. لكنها شهدت تباطؤاً بسبب التعديل الوزاري الأخير والموجة الثانية من جائحة كورونا. ويركّز المدققون بشكل خاص على العقود الموقّعة والتراخيص الممنوحة.
إضافةً إلى ذلك، تستعد تونس للانضمام إلى مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية، لكنها علّقت أنشطتها على هذا الصعيد في النصف الأول من السنة بسبب استحالة عقد اجتماعات مجموعة أصحاب المصلحة المتعددين نتيجةً لإجراءات الإغلاق وتقييد حركة التنقل. وقد عقدت المجموعة بُعيد انتهاء فترة الإغلاق في مطلع تموز/يوليو اجتماعاً شارك فيه ممثلون حكوميون رفيعو المستوى. وتعهدت الحكومة وأعضاء آخرون من مجموعة أصحاب المصلحة المتعددين بتقديم طلب تونس إلى الأمانة الدولية لمبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية قبل نهاية هذه السنة.
وفي ما يتعلق بالقضايا الأخرى لحوكمة الموارد، طلبت الشركات العاملة في القطاع الاستخراجي من الحكومة تمديد مدة تصاريح الاستكشاف مراعاةً للظروف التي تحول دون عمل هذه الشركات خلال فترة الإغلاق. وطلبت هذه الشركات أيضاً من الحكومة خفض المبلغ المطلوب كضمان مصرفي (تطلب الحكومة ضمانات مصرفية من الشركات لحثّها على الوفاء بالتزاماتها). وقد صرّحت مصادر حكومية لمعهد حوكمة الموارد الطبيعية أن الحكومة رفضت طلب الشركات.
نظرة مستقبلية
سلّطت جائحة كورونا الضوء على قطاع الطاقة لأنها ألقت بثقلها على القطاع الاستخراجي وعلى سياسات قطاع الطاقة ودعم الوقود في تونس. ومن المستبعد أن تشهد البلاد الاستثمارات الإضافية المأمولة في مجال النفط والغاز نظراً إلى أسعار النفط والغاز العالمية المتدنية وتأثيرها غير المباشر على قرارات المستثمرين وأرباحهم (يضاف إلى ذلك انعكاسات النظام المالي للنفط والغاز في تونس). وستشكّل الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وشركة فوسفات قفصة عوامل حاسمة تحدد مصير القطاع الاستخراجي التونسي في السنة المقبلة. فإذا عجزت شركة فوسفات قفصة عن تلبية التوقعات الاجتماعية بصفتها جهة التوظيف الأولى في قفصة، ستستمر الاحتجاجات على الأرجح وسيستمر معها تراجع الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، ستخسر تونس مصدراً من مصادر العملة الأجنبية بما أن صادرات الفوسفات شكّلت 3,7 في المئة من مجموع الصادرات في العام 2019. وسيؤدي تراجع أنشطة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بسبب نقص الموارد المالية إلى تداعيات كبيرة على عجز الطاقة في تونس.
وتبدو الاستراتيجية الوطنية الهادفة إلى استخراج النفط والغاز الصخري محفوفة بالمخاطر نظراً إلى عدم اهتمام المستثمرين على الأرجح والمخاوف البيئية التي عبّر عنها الكثيرون في تونس. وفي ضوء التحديات التي تعيق مساعي استخراج الغاز الصخري، يتعين على الحكومة مضاعفة جهودها لبلوغ هدفها في مجال الطاقة المتجددة للعام 2030.
لقد آن الأوان لتقوم تونس بمراجعة استراتيجية الطاقة ودراسة إمكانية التوقف عن التركيز على المحروقات في إنتاج الطاقة المحلي. وينبغي أن تشمل جهودها في هذا الإطار مراجعة واضحة لقيمة مؤسسة ETAP ودورها.
وسام هاني هو مدير مكتب معهد حوكمة الموارد الطبيعية في تونس.
التقييم الأوّلي لتأثير جائحة فيروس كورونا على القطاع الاستخراجي وقضايا إدارة الموارد بتونس
هذه واحدة من سلسلة الإحاطات القُطرية التي أعدها معهد حوكمة الموارد الطبيعية (NRGI) لتلخيص الوضع المتطور بشأن وباء كورونا وآثاره الاقتصادية. يخضع التحليل الذي تتضمنه هذه السلسلة للتغيّرات في الأوضاع، وقد يجري تحديثه في الوقت الملائم.
الرسائل الرئيسية
- • أغلب احتياطيات تونس من النفط والغاز غير قابلة للاستغلال تجارياً في ظل أسعار النفط الحالية، حيث إن تكلفة الإنتاج أعلى بكثير من الأسعار. وقد أدى ذلك إلى تباطؤ العمليات وتعطيل المفاوضات بشأن الصفقات المستقبلية.
- • قد يؤدي الاعتماد على استخراج الفوسفات إلى نقص الإيرادات في المناطق المنتِجة في تونس، وإلى تفاقم التوترات حول الآثار الاجتماعية والبيئية للتعدين في تلك المناطق.
- • تستورد تونس غالبية احتياجاتها من الطاقة من الخارج. انتهزت الحكومة فرصة انخفاض أسعار الوقود حالياً لسحب دعم الوقود في البلاد. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تنتج تونس موارد كافية لتحقيق استقلالها في مجال الطاقة، وذلك رغم اهتمامها بالسعي لاستغلال الغاز الصخري. وقد تعطلت مشاريعها للطاقة المتجددة التي كان من المؤمّل أن تنتج 30% من احتياجاتها من الكهرباء.
- • لا تزال حوكمة القطاع الاستخراجي في تونس سليمة، وقد أبدى الوزير الجديد للطاقة والمناجم والانتقال الطاقي التزامًا بالشفافية.
موجز بالآثار الاقتصادية لوباء فيروس كورونا
في أبريل، توقع البنك الدولي أن ينكمش الاقتصاد التونسي بنسبة 4% في عام 2020. قبل الوباء، كان من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بأكثر من 2%. استندت التوقعات بانكماش اقتصادي بنسبة 4% إلى افتراضات شملت فرض إجراءات للتباعد الاجتماعي وقيودٍ على السفر لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر، ما يؤدي إلى انكماش كبير في قطاع السياحة. انخفضت العائدات الشهرية للسياحة في تونس بنسبة 30% في مارس 2020 مقارنةً بمارس 2019. أدى الانخفاض في السياحة وكذلك إجراءات الإغلاق الوطنية إلى الحد من النشاط الاقتصادي غير الرسمي الذي يستوعب أكثر من 30% من العمالة في تونس.
في أبريل، تلقت تونس 745 مليون دولار أمريكي من تمويل الطوارئ في إطار آلية التمويل السريع التابعة لصندوق النقد الدولي لمساعدة السلطات على التعامل مع جائحة فيروس كورونا. لن يكون بوسع الحكومة طلب القروض من أي مصدر آخر لأن تونس لديها بالفعل نسبة عالية للدّيْن إلى الناتج المحلي الإجمالي (تتجاوز 80%). تواصل تونس سداد ديونها للحفاظ على مصداقيتها الدولية وضمان الحصول على تمويل في المستقبل. تطلب الدولة من المواطنين والشركات التبرع لدعم الاستجابة الوطنية في قطاع الصحة، كما فرضت "تبرعاً" إلزاميًا من خلال الخصم من مرتبات موظفي الخدمة المدنية. كان هذا أمراً مثيرًا للجدل للغاية، وشكّل تهديداً للاستقرار الاجتماعي في تونس.
التأثير على قطاع النفط والغاز
بحسب مسؤولين في وزارة الطاقة والمناجم، فإن 70% من امتيازات النفط والغاز الحالية في تونس ليست مُجدية اقتصاديًا في ظل أسعار النفط الحالية. واصلت حقول النفط والغاز الحالية الإنتاج، ولكنها خفّضت إنتاجها بسبب الانخفاض العالمي في أسعار النفط. بالنسبة للعمليات البحرية للنفط والغاز، تتجاوز تكلفة الإنتاج السعر الحالي للبرميل بكثير (تتراوح تكلفة الإنتاج للحقول البحرية بين 80 و 100 دولار أمريكي للبرميل). لن تبدأ حقول النفط والغاز الجديدة المخطط لها في الإنتاج لأنها غير مُجدية اقتصاديًا بالأسعار الحالية. لقد أوقف المستثمرون المحتمَلون المفاوضات، ولكنهم قد يستأنفونها في المستقبل إذا زادت الأسعار.
تُعدّ شركة النفط الوطنية التونسية (ETAP) لاعباً رئيسياً في قطاع الطاقة في البلاد. تُسهم الشركة في إنتاج 80% من النفط و 70% من الغاز، سواءً كشريك من خلال مشروع مشترك (نظام المشاركة) أو كصاحبة الرخصة (نظام مقاسمة الإنتاج). تفتقر الشركة إلى القدرات الفنية والمالية للعمل بمفردها، ومن المرجح أن تعيد الآثار الاقتصادية لوباء فيروس كورونا فتح النقاش حول دور شركة النفط الوطنية في السياق التونسي. بدأ حقل غاز نوارة، الذي اقترضت له شركة ETAP 75 مليون دولار أمريكي من بنك التنمية الأفريقي، الإنتاج في فبراير 2020. ومع ذلك، ستنخفض سرعة الإنتاج بسبب القيود المفروضة على حركة الناس بسبب وباء فيروس كورونا.
التأثير على قطاع التعدين
كان قطاع التعدين يواجه تحديات كبيرة حتى قبل تفشي جائحة فيروس كورونا. كان استخراج الفوسفات ينخفض بسبب الاحتجاجات الاجتماعية في المناطق المنتِجة حول تأثير التعدين على البيئة والطلب على العمالة. بدأت هذه الاحتجاجات في عام 2008 واشتدت بعد عام 2011.وفق المعلومات التي قدمتها وزارة الطاقة والمناجم، تُعدّ وتيرة الاستخراج أقل من المتوقع. وفقًا لمصادر الصناعة، لم تكن صادرات الفوسفات في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2020 منخفضة بشكل ملحوظ عن نفس الفترة من العام الماضي ولكن يبدو أن الصادرات كانت من نواتج استُخرِجت في السابق.
ستؤدي جائحة فيروس كورونا إلى تفاقم القضايا الاجتماعية والبيئية التي تواجه قطاع التعدين، وخاصةً في حوض تعدين قفصة. يعني اعتماد المنطقة على صناعة الفوسفات كمجال التوظيف الرئيسي فيها أن المنطقة معرّضة للتأثر بشدة بأي انخفاض كبير في إنتاج الفوسفات. علاوةً على ذلك، قد تؤدي الاحتجاجات الاجتماعية إلى اضطرار شركة قفصة للفوسفات (CPG) المملوكة للدولة للحفاظ على فرص العمل أو توسيعها بطريقة غير مستدامة. في عام 2019، أبلغت وكالة رويترز عن الآلاف من "العمال الأشباح" - وهم أشخاص على قوائم رواتب شركة قفصة للفوسفات ولكنهم لا يعملون فيها.
التأثير على الإيرادات
لا تُعدّ تونس اقتصادًا يعتمد على الموارد الطبيعية. ومع ذلك، سيضاعف انخفاض الإيرادات من القطاع الاستخراجي التحديات الاقتصادية التي يُحتمل أن تواجهها البلاد بسبب تأثير جائحة فيروس كورونا على السياحة والقطاع غير الرسمي الذي يعتمد عليه كثير من التونسيين في معيشتهم.
تستورد تونس 75% من طاقتها من الخارج، ما يؤثر سلباً على الميزان التجاري للبلاد. في أبريل، اتخذت الحكومة، مُستفيدةً من انخفاض سعر النفط الدولية، خطوات من أجل إلغاء دعم الوقود في البلاد. بإلغاء الدعم عندما يكون السعر منخفضًا، لا يلحظ التونسيون على الفور أي ارتفاع حاد في تكلفة الوقود، ولكن إذا انتعشت أسعار النفط العالمية، فسيحدث ذلك. ورداً على الاحتجاجات بشأن إلغاء الدعم، كررت الحكومة عزمها على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة من خلال مراجعة أجزاء من قانون النفط والغاز ومنح الحوافز لتشجيع مستثمري النفط والغاز على العمل في تونس. النظام المالي التونسي للمحروقات غير جذاب للمستثمرين؛ حيث يتجاوز نصيب الحكومة 75%، بينما تُعدّ الإمكانات الجيولوجية محدودة وتكلفة الاستكشاف والإنتاج مرتفعة.
قالت الحكومة أيضًا إنها ستتبنى إطارًا قانونيًا جديدًا لقطاع المحروقات غير التقليدي (الغاز الصخري بشكل أساسي). في حين أبدى المستثمرون في السابق بعض الاهتمام بالغاز الصخري في تونس، فإن الاضطراب الاقتصادي الحالي، وانخفاض سعر الغاز، وحقيقة أن العديد من المستثمرين سيضطرون إلى شد الأحزمة، يعني أن الإطار القانوني قد لا يكون كافياً لتحفيز الاستثمار في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، تلتزم تونس بإنتاج 30% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030. ومع ذلك، أوقفت جائحة فيروس كورونا مشاريع الطاقة المتجددة. وقد أعرب المسؤولون الحكوميون عن قلقهم من أن هدف 30% لم يعد قابلاً للتحقيق في غضون الإطار الزمني المُحدد.
التأثير على قضايا إدارة الموارد الطبيعية
لم تشهد تونس أي تراجع عن الشفافية خلال جائحة فيروس كورونا حتى الآن. على العكس من ذلك، كشفت وزارة الطاقة والمناجم بشكل استباقي عن المعلومات من خلال صفحة الوزارة على الفيسبوك، حيث قدم المسؤولون تحديثات بشأن قضايا مثل الإنتاج وأسعار الوقود، وخاصةً مستوى الدعم. يتمتع الوزير الجديد للطاقة والمناجم والانتقال الطاقي، المُعيَّن في فبراير، بسجل جيد في مجال الشفافية. أثناء توليه المنصب الوزاري نفسه لمدة سبعة أشهر في عام 2016، أشرف الوزير على النشر الأوّلي لجميع عقود النفط والتعدين. جزئياً، تُعدّ إعادة تعيينه وزيراً استجابةً لمطالبات من المجتمع المدني.
تم تعليق مسار الانضمام لمبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية (EITI) عمليًا لأنه لم يكن من الممكن عقد اجتماعات بسبب اجراءات الحجر الصحي والقيود المفروضة على حركة الناس. مبادرة EITI هي منظمة عالمية تنشر تقارير الشفافية السنوية الحكومية والصناعية في قطاع النفط والغاز والتعدين وتقدم اقتراحات حول الكيفية التي يمكن بها للدول والشركات تحسين حوكمة استخراجها.
في خطوة غير مسبوقة في مجال الشفافية والحوكمة، أعلنت الحكومة في شهر ماي عن إجراء تقييم شامل تشاركي لقطاع المحروقات . وستشمل هذه المهمة ممثلين عن المجتمع المدني إلى جانب هيئات الرقابة الرسمية.
فيما يتعلق بالقضايا الأخرى لحوكمة الموارد، طلبت الشركات في القطاع الاستخراجي من الحكومة تمديد مدة تراخيص الاستكشاف لمراعاة حقيقة أن الشركات لا تستطيع العمل أثناء الحجر الصحي. كما طلبت تخفيض المبلغ المطلوب كضمان مصرفي. (تطلب الحكومة ضمانات مصرفية من الشركات لحثها على تحقيق الالتزامات.) في وقت كتابة هذا التقرير، لم يكن من الواضح ما إذا كانت الحكومة ستتخذ أي إجراء بشأن هذه الطلبات.
النظرة المستقبلية
سلّطت جائحة فيروس كورونا الضوء على قطاع الطاقة، حيث أثّرت على القطاع الاستخراجي وعلى دعم تونس للوقود والسياسات العامة لقطاع الطاقة. من غير المحتمل أن تشهد البلاد الاستثمار الإضافي المأمول في النفط والغاز بسبب انخفاض الأسعار العالمية للنفط والغاز وتداعيات ذلك على قرارات المستثمرين والنتيجة النهائية (وهي عوامل يُضاعف النظام المالي التونسي للنفط والغاز من تأثيرها). تبدو استراتيجية تونس للسعي لاستغلال النفط والغاز الصخريين عالية المخاطر، نظراً للاحتمالية المحدودة لتوفر المستثمرين والمخاوف البيئية التي تم التعبير عنها بالفعل في تونس بشأن مثل هذه التحركات. في ضوء التحديات التي تواجه أي جهد لاستغلال الغاز الصخري، يجب على الحكومة النظر في مضاعفة مجهوداتها لبلوغ هدفها في مجال الطاقة المتجددة لعام 2030.
تتطلب التحديات المستمرة في منطقة الحوض المنجمي بقفصة اتباع نهج شامل واستشاري، نهجٍ يقلل من الاعتماد غير المستدام على
قطاع الفوسفات لتوفير سبُل العيش.
وسامهاني هو المدير القُطري لتونس بمعهد حوكمة الموارد الطبيعية (NRGI).
لبنان: التقييم الأوّلي لتأثير جائحة فيروس كورونا على القطاع الاستخراجي وقضايا حوكمة الموارد
الرسائل الرئيسية
- • كان لبنان يعاني من أزمة اقتصادية حادة ما قبل كورونا، وجاءت ا الجائحة لتفاقم الوضع. ناشدت الحكومة صندوق النقد الدولي (IMF) لإنقاذها مالياً، ولكنها تتعرض حالياً لخطر المعاناة من نقص في الأغذية.
- • استمر نشاط التنقيب عن النفط والغاز في ظل إجراءات الإغلاق، ولكن في أبريل/ نيسان أكدت الحكومة أن شركة توتال لم تعثر على غاز يمكن استغلاله تجارياً أثناء حفرها فلأول بئر للنفط والغاز في لبنان.
- • في نهاية شهر مايو/ آيار، أجّلت وزارة الطاقة جولة التراخيص الثانية في لبنان للمرة الثالثة، حيث ساقت انخفاض أسعار النفط ووباء فيروس كورونا كأسباب رئيسية لذلك. ومع ذلك، فمن غير المُرجّح أن يتمكن لبنان من إبرام صفقات جيدة مع أي مستثمرين محتملين بسبب أوضاعه الاقتصادية والسياسية والمالية الصعبة.
- • يدفع لبنان ثمناً باهظاً للنفط والديزل المستورد لتوليد الكهرباء. إذا استمر لبنان في تخطيط سياسة الطاقة لديه حول احتمال اكتشاف موارد جديدة للنفط والغاز بدلاً من التحوّل إلى مصادر الطاقة المتجددة، فمن المُرجّح أن يؤدي ذلك إلى تفاقم مشاكل البلد المالية.
موجز بالآثار الاقتصادية لوباء فيروس كورونا
يواجه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية مرت به منذ عقود. يعود جزء كبير من الأزمة إلى ما قبل جائحة فيروس كورونا، ولكن الجائحة قوّضت احتمالات الانتعاش الاقتصادي في لبنان. فقدت الليرة اللبنانية أكثر من ثلثي قيمتها منذ يناير/ كانون الثاني 2020، وأصبح الاحتياطي من الدولار الأمريكي محدوداً للغاية لدرجة أن البنوك قيّدت عمليات السحب. فشل لبنان في إجراء إصلاحات اقتصادية وكبح الفساد يعني قيام المُقرضين الدوليين بتقليص دعمهم، ما يترك خطة البلد للانتعاش غير مُموّلة إلى حد كبير. تُجري الحكومة اللبنانية حالياً مناقشات مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة إنقاذ مالي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.
استجابةً لجائحة فيروس كورونا، نفذ لبنان مجموعة من إجراءات الإغلاق، بما في ذلك فرض قيود على معظم الأعمال التجارية، وإغلاق المدارس، والحد من حركة الجمهور. في أواخر أبريل/ نيسان، عندما ارتفع عدد حالات فيروس كوفيد-91، علقت البلاد جهودها الرامية لتخفيف حالة الإغلاق تدريجيًا وإعادة تفعيل بعض الأنشطة الاقتصادية. يُعيد لبنان الآن محاولة تخفيف حالة الإغلاق.في 20 مايو/ آيار، قال رئيس الوزراء، في مقال له بصحيفة واشنطن بوست,، إن لبنان يتجه نحو أزمة غذائية كبيرة.
التأثير على قطاع النفط والغاز
لم تؤثر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية بشأن جائحة فيروس كورونا على أنشطة الحفر في أول بئر للنفط والغاز في لبنان، والمعروفة باسم بيبلوس-1 في القطاع البحري رقم 4. على العكس من ذلك، أعفت الحكومة الشركة المُشغِّلة توتال من إجراءات الإغلاق وسمحت لها بمواصلة العمل مع الالتزام بالاحتياطات التي اتخذتها السلطات المحلية لمنع انتشار الفيروس في سفينة الحفر. في 27 أبريل/ نيسان، أكد وزير الطاقة أنه لم يُعثر على غاز يمكن استغلاله تجارياً في بئر القطاع رقم 4.
تتمثل الخطوة التالية في قيام شركة توتال بحفر بئر استكشافي في القطاع رقم 9، والذي يقع جنوب بيروت، بحلول نهاية 2020/ أوائل 2021. قبل الإغلاق، كانت توتال تعمل على تقييم الأثر البيئي (EIA) للقطاع رقم 9. يتطلب القانون اللبناني من الشركة جدولة المشاورات العامة في المناطق ذات الصلة كجزء من عملية تقييم الأثر البيئي. كان من المتوقع إجراء المشاورات في منتصف العام، ولا ينبغي الشروع في أي أنشطة للحفر بدون إجراء المشاورات العامة. لا يزال من غير الواضح ما إذا كان بالإمكان إجراء المشاورات في غضون الإطار الزمني المتوقع. إذا لم يتسنّ ذلك، فمن المحتمل تأخير تاريخ بدء الحفر. يجري حالياً النظر في إجراء استشارة عن بعد.في 31 مايو/ آيار، أجّلت وزارة الطاقة جولة التراخيص الثانية في لبنان للمرة الثالثة، حيث ساقت انخفاض أسعار النفط ووباء فيروس كورونا كأسباب رئيسية لذلك. لم تحدد الوزارة موعداً نهائياً جديداً (كما فعلت مع إعلانيْ التأجيل السابقين) ولكنها قالت إنها تتوقع استكمال جولة التراخيص الثانية قبل نهاية عام 2021. في يناير/ كانون الثاني، غيّرت هيئة إدارة قطاع البترول اللبنانية الموعد النهائي الأصلي من 31 يناير/ كانون الثاني إلى 30 أبريل/ نيسان للسماح للشركات الدولية بمزيد من الوقت لتقديم طلباتها. بعد ذلك غيرت الهيئة هذا الموعد إلى 1 يونيو/ حزيران بسبب الوباء.
ومع ذلك، فالمبررات المُقدّمة للتأجيل لا تحكي القصة كاملةً. حتى بدون جائحة فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط، من غير المُرجّح أن يتمكن لبنان من الحصول على صفقات جيدة من المستثمرين الدوليين، وذلك بسبب الظروف السياسية والاقتصادية والمالية السيئة في البلد.
التأثير على قضايا حوكمة الموارد الطبيعية
بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الصعب، لن يكون هناك تركيز يُذكر من الجمهور على حوكمة النفط والغاز؛ حيث انصبّ تركيز الناس على الأزمة المباشرة. بسبب تأجيل جولة التراخيص الثانية لا مجال ت لشركات النفط الدولية بتقديم طلبات للحصول على رخص الاستكشاف والانتاج، قد يكون من المرحج ان يطرح مبدأف إنشاء شركة نفط وطنية (NOC) لتعزيز تطوير قطاع النفط والغاز بغض النظر عن الظروف الاقتصادية العالمية. لذا من المهم أن تكون منظمات المجتمع المدني (CSOs) التي تعمل في القطاع الاستخراجي متيقظة لمخاطر اتخاذ القرار لدى السلطات في ذلك الوقت ومستعدة لمناقشات حول إنشاء شركة نفط وطنية رغم جميع التحديات التي تجلبها مثل هذه الخطوة.
تدعم منظمة "انشر ما تدفع" الدولية غير الحكومية منظمات المجتمع المدني للانخراط في مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية (EITI) في لبنان. والمبادرة هي منظمة عالمية تنشر تقارير سنوية عن الشفافية في قطاع النفط والغاز والتعدين وتقدم اقتراحات حول تحسين حوكمة قطاع الاستخراج في البلدان. عملية انخراط لبنان في مبادرة الشفافية بطيئة ولم تُنفّذ بعد كل الخطوات ةلاسيما انتخاب منظمات المجتمع المدني ممثليهم في مجلس أصحاب المصلحة والاسباب عديدة ولكن اليوم الوضع الاقتصادي والجائحة يؤثران على المسار ولاشك ان الزخم حول عملية EITI انخفض قليلا بعد النتائج السلبية للحفر في القطاع رقم 4.النظرة المستقبلية
اليوم قطاع النفط والغاز في لبنان افاقه غير مؤكدة. نتائج القطاع رقم 4 جاءت سلبية، أجلت الحكومة جولة التراخيص الثانية حتى نهاية عام 2021. اصبح التركيز على القطاع رقم 9 واي تأخير في هذه الرقعة يعني تأخثر للقطاع ككل، والاخطر اذا قررت الشركات الانسحاب من لبنان بسبب الاتهيار الاقتصادي، سوف يعني ذلك نهاية قطاع النفط والغاز مرحليًا. على أقل تقدير، سيؤدي الوباء إلى تأخير تحقيق اكتشافات جديدة أو تعطيل القيام بالمزيد من الحفر. تحتاج الدولة إلى النظر في السيناريوهات المحتملة ووضع الخطط وفقًا لذلك.على لبنان إعادة النظر في استراتيجية الطاقة.. الاعتماد على زيت الوقود وزيت الديزل لإنتاج الكهرباء غير مستدام. يتسبب السعر المرتفع الذي يدفعه لبنان للوقود في عجز كبير في الميزانية. البدائل هي الغاز والطاقة المتجددة. الغاز "المحلي" (من حقول لبنان) لا يمثل حقيقة (بعد). يحتاج الغاز المستورد إلى محطات لتوليد الطاقة ولكن تلك المحطات غير جاهزة للعمل بعد. يفتقر قطاع الطاقة المتجددة حتى الآن إلى الزخم ويواجه قضايا تتعلق بالحوكمة، خاصةً فيما يتعلق بالترخيص.
لتجنب المخاطر المرتبطة بمستقبل قائم على الوقود الأحفوري، يجب على لبنان أن يولي اهتمامًا جادًا لتمكين الإصلاحات القانونية في قطاع الطاقة المتجددة من أجل الإسراع في تطويره.
كيف صمدت القواعد المالية في مواجهة انهيار اأ صعار الصلع الأ ص اصية؟
Natural Resource Charter (Arabic)
مؤشر حوكمة الموارد لعام (RGI) 2017
Français » Pусский »
یعرض ھذا التقریر النتائج الرئیسیة والخلاصات الأساسیة لمؤشر حوكمة الموارد لعام 2017. ويقيس المؤشر حسن إدارة الموارد في 81 بلدا تنتج 82 في المائة من النفط في العالم، و 78 في المائة من الغاز، ونسبة كبيرة من المعادن، بما في ذلك 72 في المائة من جميع النحاس. وهو نتاج 89 تقييما قطريا (تم تقييم ثمانية بلدان في قطاعين)، جمع النتائج 150 باحثا، باستخدام ما يقرب من 10،000 وثيقة داعمة للإجابة على 149 سؤالا. ممكن الإطلاع على النتائج المفصلة على www.resourcegovernanceindex.org
EITI هل تم تجاوز مرحلة اللاعودة؟ الإفصاح عن العقود ضمن مبادرة
عندما تتفق الحكومات وشركات القطاع الخاص على استغلال الموارد الطبيعية المملوكة من قبل القطاع العام، يحق للمواطنين في هذه الحالة معرفة بنود الصفقات الناتجة عن هذه الاتفاقيات. تأتي هذه البنود ضمن التراخيص والعقود والتعليمات والتشريع. في الوقت الذي تكون فيه عادة هذه التعليمات والتشريعات عامة، لا تعتبر التراخيص والعقود كذلك.
بعد أربع سنوات من بدء EITI بالتشجيع على الإفصاح عن العقود من خلال تطبيق معيارها، نقوم من خلال تقرير هل تم تجاوز مرحلة اللاعودة؟ بتقييم مدى أخذ الحكومات المضيفة لهذه التوصية بعين الاعتبار. باستخدام تقارير بلدان EITI والبيانات الأولية من دليل حوكمة الموارد لعام ٢٠١٧ الصادر عن NRGI، يبين البحث بأن معيارEITI لعام ٢٠١٣ أعطى قوة دفع إضافية وهامة لمسألة الإفصاح عن العقود. وبناء على مراجعة 51 بلدا منفذا للمبادرة ، وجد مؤلفو التقرير أن 29 من الحكومات المنفذة للمبادرة - أكثر من نصفها - قد كشفت على بعض هذه الإتفاقيات، والعديد منها يتخذ خطوات ملموسة لالنضمام إلى صفوفها. (راجع هذا الجدول للحصول على نتائج لكل بلد بما في ذلك المراجع والروابط إلى المستندات الرئيسية.)
بالرغم من كل ذلك، لا تزال هناك مساحة كبيرة للتحسينات. حتى تاريخ كتابة هذا التقرير، لم ينشر عشرون بلداً منفذا لمبادرة EITI عقوداً أو تراخيص ولم يصدر أي قانون للإفصاح عن العقود، ولم ينجح أحد عشر بلداً بتنفيذ الإفصاحات المنصوص عليها بموجب القوانين الوطنية. حتى في البلدان التي أصبح فيها الإفصاح عن العقد سياسة معتمدة، لا يزال هنالك تحدي أمام المواطنين لتحديد أي من هذه العقود أو التراخيص مازال متاحاً. إن المواقع الالكترونية المعطّلة واستخدام الأشكال غير العملية من الملفات تعرقل الوصول إلى العقود وتجعل عملية التحليل مستحيلة. مع أن متطلبات التقارير الخاصة بمبادرة EITI تنص على نشر السياسات الحكومية المتعلقة بالإفصاح عن العقود والمعلومات المتعلقة بأي إصلاحات مخطط لها والتي توفر فرصة هامة للبدء بنقاش حول الإفصاح عن العقود، فإن غالبية البلدان المنفذة لم تصل بعد لمستوى تلبية هذه المتطلبات.
يجب على جميع المعنيين بمبادرة EITI - على الصعيدين الوطني والدولي - بذل المزيد من الجهود لتحسين نطاق وجودة الإفصاح عن العقود والتراخيص. وللقيام ذلك، نوصي بالإجراءات التالية:
الإفصاح: زيادة عدد العقود المتاحة للجمهور
• استهداف البلدان التي لا تتطابق فيها القوانين مع آليات التنفيذ.
• إضافة بند شفافية العقد على الأجندة في الأماكن التي تم تجاهله فيها.
• زيادة تبادل المعرفة ضمن مجتمع EITI.
• تعزيز شمولية الإفصاح.
• تأكيد عدد العقود أو التراخيص في القطاع الواحد.
• تشجيع الشركات على تبني عملية الإفصاح.
الوصول: جعل إيجاد وتصفح والبحث عن العقود واستخدامها عملية سهلة.
• استخدم قنوات فعالة للنشر.
• التدقيق في منشورات الجرائد الرسمية الوطنية (الرائد الرسمي).
• استخدم الصيغة المفتوحة للملفات
• نشر البيانات الوصفية.
السياسة: سن قوانين لتوجيه ممارسات الإفصاح.
• تطوير قوانين إفصاح فعّالة.
تقارير مبادرة EITI. تزويد معلومات آنية حول الإفصاح عن العقد.
• ضمان عملية تقرير فعّالة ضمن مبادرة EITI حول سياسة الإفصاح عن العقد وتنفيذها.
دليل الموافقة البرلمانية على عقود الموارد الطبيعية في تونس
غالبًا ما تبدو قطاعات النفط والغاز والمناجم في العديد من البلدان محاطةً بالسريّة والشكوك لجهة اختفاء ثروات طائلة من خلال توليفة من الصفقات السيّئة مع شركات أجنبيّة، وسوء الإدارة، والفساد. ولطالما سادت فكرة أنّ عقود النفط والغاز والمناجم تبقى بشكل خاص بعيدة عن متناول المواطنين وممثّليهم. ويشكّل أحد الإجراءات الّتي استحدثها عدد البلدان لمكافحة هذه الذهنية موضوع هذا الدليل، ويتمثّل باشتراط موافقة الممثلين المنتخبين في البرلمان على عقود الصناعات الاستخراجيّة. ويُستَشفُّ من التجارب التي خاضتها البلدان التي أُجريت فيها الأبحاث لأغراض هذا الدليل أنّ هذا النهج قد يحمل الفوائد كما المخاطر عندما يتعلّق الأمر بحوكمة القطاعات الاستخراجيّة.
وتُعدُّ تونس من بين البلدان الّتي اعتمدت هذه السياسة حديثًا، إذ يتضمّن دستور 2014 عددًا من الأحكام ذات الصلة بالموارد الطبيعيّة. وتشترط المادّة 13 بشكل خاص الموافقة البرلمانيّة على عقود الموارد الطبيعيّة، بالإضافة إلى تثبيتها لملكيّة الشعب التونسي للموارد الطبيعيّة، وإعلان سيادة الدولة على هذه الموارد. ويطرح اعتماد المادّة 13 عددًا من الأسئلة العمليّة والتحديّات السياساتيّة الّتي شكّلت موضوع نقاشٍ مهمّ داخل الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني. وقد أحاطت الأسئلة بتصميم عمليّة الموافقة والدور المحدّد للبرلمان على وجه الخصوص.
تُقيّم هذه الدراسة التجارب التي خاضتها البرلمانات في العالم في مجال الموافقة على العقود، كما وتلقي الضوء على بعض التحديات الّتي واجهتها البلدان لجهة الموافقة البرلمانيّة. ويتضمّن هذا الدليل أيضًا لمحةً واضحة ومفصّلة عن عمليّة التعاقد الحاليّة لقطاع المحروقات والمناجم في تونس. وأخيرًا، تمّت صياغة بعض المبادئ التوجيهيّة من خلال استخلاص الدروس من التجارب العالميّة